معرفة حق التنقل عند الأوروبيين
وحتى التنقل -وهو حق كغيره من الحقوق- لم تعرفه أوروبا إلا بعد قيام الثورة الفرنسية، أي: قبل مائتين وأربع سنوات تقريباً من الآن فقط، فبعد ذلك عرفوا أن من حق الإنسان أن ينتقل من مكان إلى مكان، وأنه يمكنه أن يسافر ليس من فرنسا إلى بريطانيا ، فهذا مكسب كبير لم يكونوا يحلمون به، وإنما ينتقل من إقطاعية إلى إقطاعية فقط، فلم يكن الإنسان منهم يقدر على ذلك على الإطلاق؛ ولذلك قامت الحروب في أوروبا وفي أمريكا عند تأسيسها؛ من أجل تثبيت هذه الحقوق، وإلغاء هذه الفوارق، وإلغاء النظام الإقطاعي، فلما جاءوا إلى بلاد المسلمين وجدوا المسلمين يعيشون وينطلقون في أرض الله الواسعة، فيسافر طالب العلم من الأندلس إلى خراسان ، ثم إلى اليمن ، ثم إلى مصر لطلب العلم، فليس في ذلك أي شيء، ولا أحد يسأله، ولا أحد يحسده على هذه النعمة؛ لأنها شيء معتاد جداً، وأما هم فكانت تعد بالنسبة لهم تحولاً عظيماً جداً.